[]حيـن هـمَّ الحبيـب بالتوديـع .... عيروني أني سفحـت دموعـي
لم يذوقوا طعم الفـراق ولا مـا .... أحرقَت لوعة الأسى من ضلوعي
كيف لا أسفح الدموع على رب .... ــع حوى خير ساكن وجمـوع
هبك أني كتمت حالـي أتخفـى ..... زفـرات المتيـم المـصـدوع
.................................................. ...............................
قالت وقـد نالهـا للبيـن أوجعـه .... والبين صعب على الأحباب موقعـه
إجعل يديك على قلبي فقد ضعفـت .... قواه عن حمل ما تحويـه أضلعـه
واعطف عليَّ المطايا ساعة فعسـى .... مَنْ شتّ شمل الهوى بالوصل يجمعه
كأنني يوم ولَّـت حسـرة وأسـى .... غريق بحر يرى الشاطي ويمنعـه
.................................................. ...............................
يا ربِّ جفني قد جفـاه هجوعُـه .... والوجد يعصي مهجتي ويطيعُـه
يا ربِّ قلبي قد تصـدع بالنـوى .... فإلى متى هـذا البعـاد يروعُـه
يا ربِّ بدر الحي غاب عن الحمى .... فمتى يكون على الخيام طلوعُـه
يا ربِّ لا أدعُ البكا فـي حبهـم .... من بعدِهم جهد المقـل دموعُـه
يا ربِّ هبْ قلب الكئيـب تجلـدًا .... عمَّن يحـب فقـد دنـا توديعُـه
يـا ربِّ هـذا بينُـه وبـعـادُه ..... فمتى يكـون إيابـه ورجوعُـه
.................................................. ...............................
لله باكٍ علـى أحبابـه جزعـا .... قد كنت أحذر هذا قبل أن يقعـا
ما كان والله شؤم الدهر يتركني .... حتى يجرِّعني من بعدِهم جُرَعـا
إن الزمان رأى إلف السرور لنا .... فدبَّ بالبين فيما بيننـا وسعـى
فليصنع الدهر بي ما شاء مجتهدًا .... فلا زيادة شيءٍ بعدمـا صنعـا
.................................................. ...............................
ولم أنسَ الوداع وما جرى لي .... غداة البيـن إذ عـزَّ المقـام
بكت خوف النوى وبكيت قهرً .... ادمًا فبها وبي لعـب الغـرام
تبث إلـي شكواهـا فأشكـو .... إليها والدمـوع لهـا انسجـام
وقالت لي : أترجع عن قريب؟ .... فقلت : نعم وللدهـر احتكـام
.................................................. ...............................
كدت يوم الرحيل أقضي حياتي .... ليتني مت قبل يوم الرحيل
لا أطيق الكلام من شدة الخوف .... ودمعي يسيل كل مسيل
ذرفت عينها وفاضت عيوني .... وكلانا يلفي بلب أصيل
.................................................. ...............................
فوالله لا أنسى مدى الدهر قولها .... ونحن على حدّ الوداع وقوف
وللنار من تحت الضلوع تلهب .... وللماء من فوق الخدود وكيفُ
ألا قاتل الله الصـروف فإنمـا .... تفرَّقُ بين الصاحبين صروفُ
.................................................. ...............................
تبدَّت لنـا مذعـورة مـن خبائهـا .... وناظرها باللؤلـؤ الرطـب لامـع
أشارت بأطراف البنـان وودَّعـت .... وأومت بعينيها متى أنت راجـع ؟
فقلت لها والله مـا مـن مسافـر .... ٍيسيـر ويـدري مابـه الله صانـع
فشالت نقاب الحسن من فوق وجهها .... فسالت من الطرف الكحيل المدامع
وقالت إلهـي كـن عليـه خليفـة .... فيـارب ماخابـت لديـك الودائـع
.................................................. ...............................
ضعفتُ عن التسليـم يـوم فراقنـا .... فودَّعتُها بالطّـرف والعيـن تدمـع
وأمسكت عن ردِّ السلام فمـن رأى .... محبا بطرف العيـن قبلـي يُـودِّعُ ؟
رأيت سيوف البيـن عنـد فراقنـا .... بأيدي جنودِ الشوق بالمـوت تلمـعُ
عليـك سـلام الله منِّـي مضاعفـا .... إلى أن تغيب الشمس من حيث تطلُعُ
.................................................. ...............................
عجبْت لنفسي بعدَهم ما بقاؤهـا .... ولم أحْظَ مـن لقياهـمُ بمـرادي
لعمرك ما فارقتهم منـذ ودَّعـوا .... ولكنما فارقـتُ طيـبَ رقـادي
وقد منعوا مني زيـارة طيفهـم .... وكيف يزور الطيفُ حِلفَ سهـاد
وأعجب ما في الأمر شوقي إليهمُ .... وهم في سوادَيْ ناظري وفؤادي
.................................................. ...............................
ما كنت أعلم ما في البين من حُرق .... حتى تنادوا بأن قد جيء بالسفـن
قامت تودعنـي والدمـع يغلبهـا .... فهمهمت بعض ما قالت ولم تبـن
وأعرضت ثم قالت وهـي باكيـة .... يا ليت معرفتـي إيـاك لـم تكـن
.................................................. ...............................
أستخبر الشمس عنكم كلما طلعت .... وأسـأل البـرق عنكـم كلمـا لمـعـا
أبيتُ والشوق يطويني وينشرني .... فـي راحتيـه ولا أشكـو لـه وجعـا
لا تحسبـوا أننـي بالغيـر منشغـل .... إن الفـؤاد لحـب الغيـر مـا وسعـا
.................................................. ...............................
ولمّا برزنـا للرحيـل وقُرِّبَـتْ .... كرامُ المطايا والركـاب تسيـر
وضعْتُ على صدري يديَّ مبادرًا .... فقالـوا محـبٌّ للعنـاق يشيـر
فقلت ومَنْ لـي بالعنـاق وإنمـا .... تداركْتُ قلبي حين كـاد يطيـر
.................................................. ...............................
نحن غـادون مـن غـد لافتـراق .... وأرانـي أمـوت قـبـل يـكـون
فلئن متُّ فاسترحـت مـن البـيـ .... ــن لقـد أحسنـت إلـيَّ المـنـون
ما يريد الفراق؟ لا كـان منـا ... أشمـت الله بالـفـراق التـلاقـي
لو وجدنـا علـى الفـراق سبيـلاً .... لأذقنـا الفـراق طعـم الـفـراق
ولمـا برزنـا لـلـوداع وكلـنـا .... يعدُّ مطيع الشوق من كـان أحزمـا
فصرت بقلب لا يعنف في الهـوى .... وعين متى استمطرتُها مطرت دمـا
قد كنت أشفق من دمعي على بصري .... والآن كـل عزيـز بعدَكـم هانـا
والله ما ذكـرت عينـي معاهدكـم .... إلا رأيـت دمـوع العيـن هتانـا
أستودع الله من بالطـرف ودعنـي .... يـوم الفـراق ودمُّ العيـن ساكبـه
ثم انصرفت وداعي الشوق يهتف بي .... ارفق بقلبـك قـد عـزَّت مطالبـه
يا عين في ساعة التوديع يشغلك .... الـبكاء عـن لـذة التوديـع والنظـر
خذي بحظـك منهـم قبـل بينهـمُ .... ففي غد تفرغـي للدمـع والسهـر
لـي مقلـة مقـروحـة بفراقـكـم .... ما انفـك بحـر دموعهـا متدفقـا
جفت وزال رقادهـا مـن بعدكـم .... بيـد الفـراق فعوذوهـا بالـرقـى
جسمي معي غير أن الروح عندكـمُ .... فالجسم في غربة والروح في وطـن
فليعجب الناس منـي أن لـي بدنًـا .... لا جسم فيه ولـي روح بـلا بـدن
اذكرونـا مثـل ذكـرانـا لـكـم .... ربَّ ذكـرى قربـت مـن نزحـا
واذكـروا صبًّـا إذا غنـى بـكـم .... شـرب الدمـع وعـاف القـدحـا
[/size]